اللجوء؛ ملف يرفض غلقه المستفيدون
منذ شهرين
ملف- سياسة+
يتشعب الحديث عن اللاجئين خلال العقدين الأخيرين إلى أكثر من باب جدلي، وعلى نحو الخصوص تكشف أوراق ملف اللاجئين السوريين عن قصص ووقائع كثيرة وكبيرة، وتتعاظم هذه القصص كلما طالت مدة بقاء اللاجئين في بلدان غير بلدانهم، إذ قطعا سيتولد إحباط وخذلان لديهم يتعلق بساستهم وقادة بلدهم، فيما يتعلق بإعادتهم إلى أرضهم ومنازلهم وأعمالهم، ولم شملهم من جديد تحت سقف الوطن.
ويتغافل المحرضون ضد اللاجئين عن الآثار الإيجابية لوجودهم في المجتمعات المضيفة لهم، والتي تتلقى دعماً دولياً لتلبية متطلبات مؤسساته التي تقدم خدماتها للاجئين وبخاصة قطاعا التعليم والصحة، وينتفع المواطنون إلى جانب اللاجئين بالمشاريع التنموية التي يمولها المانحون الدوليون، والتي توجَّه في الغالب للأسر الأكثر هشاشة واحتياجاً.
ويوثق الإعلام والصحافة المحايدة مواقع أزمات اللجوء، ولاسيما في الدول العربية والتي تبدأ من لبنان، إذ نجد الإجابة على سؤال ما الذي يقدمه السوريون للاقتصاد المحلي؟ والذي يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة، وتعد المعونات المالية التي يحصل عليها اللاجئون السوريون جزءاً مما يضخونه في الاقتصاد اللبناني، “إذ يصاحب كلَّ دولار أميركي ينفق على المساعدات الإنسانية المقدمة من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين واليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تأثيرٌ مضاعفٌ في الاقتصاد اللبناني يعادل 1.6 دولار”، وفق دراسة صادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 2015 بعنوان (تحوّل النازحين السوريين من مجرّد عبء إلى مساهمين فاعلين في الاقتصاد المحلي في لبنان).
ويكشف الباحثون في هذا الملف عن إسهامات عمالة اللاجئين، وعلى رأسهم السوريون، في دعم قطاعات التصنيع والبناء التركية، إذ يحصلون على أجور أقل ويعملون لساعات تتجاوز الحد الأسبوعي الأعلى، لكنهم يعانون من رفض مشغليهم تطبيق القانون وحصولهم على تصاريح رسمية.
وفي مصر، خلق اللاجئون السوريون بيئة عمل استثمارية نوعية، ساهمت في تطوير وخلق فرص عمل يستفيد منها المجتمع المضيف، وتشكل رسوم الإقامات المختلفة المفروضة على 144.167 لاجئاً سورياً مسجلين رسمياً لدى مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في القاهرة، أحد أنواع التدفقات المالية التي تدعم خزينة الدولة المصرية، ومصدرها اللاجئون.
ويسهم اللاجئون في سد النقص الذي يعانيه سوق العمل الألماني، ما يوفر حاجة الشركات الصغيرة والمتوسطة من الموارد البشرية، غير أن تعقيدات بيروقراطية تحول دون اندماجهم ومعادلة شهاداتهم والاستفادة الكاملة من خبراتهم، بحسب ما يوثقه مقربون من حياة اللاجئين في ألمانيا.
وخلقت الاستثمارات السورية فرص عمل جديدة في السوق الأردني، أسهمت في تشغيل يد عاملة سورية وأردنية وخففت من البطالة، كما أنعش الوجود السوري القوة الشرائية باعتبارهم مستهلكين جدداً يسعون لتوفير متطلبات حياتهم، بحسب ما يوثقه الباحثون. كما “وسع المجتمع الدولي إلى حد كبير المساعدات الخارجية والمنح التنموية المخصصة للأردن في أعقاب الأزمة السورية، حيث تلقى بين عامي 2012 و2015، مبلغاً غير مسبوق من المساعدات الدولية التي ساهمت في زيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي، إذ وصلت قيمة المنح والقروض الخارجية إلى 3.1 مليارات دولار عام 2012، أي أكثر من أربعة أضعاف إجمالي ما تلقاه في عام 2011، فإن أزمة اللاجئين السوريين ساهمت في حدوث ارتفاع مهم في حجم التمويل الدولي، وهذا يعتبر فرصة مهمة لتطوير البنية التحتية للمملكة الأردنية والرفع من مستويات التنمية فيها”، بحسب دراسة “اللاجئون: فرصة أم عبء على اقتصاديات الدول المضيفة – دراسة حالة اللاجئين السوريين في الأردن”، المنشورة في مجلة “جيل” الدراسات السياسية والعلاقات الدولية العدد 20، بتاريخ 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.